™jOs£Ph المدير العام
مُسَـآإهَـمـآإتِے : 430 نِقاطِــــــے : 1153 تاريخ مِيلاََدِے : 06/12/1997 من متى آنٱ هوۉؤن : 22/05/2012 ععَمِرـے : 26 رڛآڵة شخصيه : لا اله الا الله
| موضوع: عُـمَــــــــــــــر المـخـتـار شيخ المجـــــــــــــــاهدين الثلاثاء يونيو 05, 2012 7:19 pm | |
| عُـمَــــــــــــــر المـخـتـار شيخ المجـــــــــــــــاهدين
مولده ونسبه ونشأته وشيوخه ولد الشيخ الجليل عمر المختار من أبوين صالحين عام 1862م وقيل 1858م، وكان والده مختار بن عمر من قبيلة المنفة من بيت فرحات وكان مولده بالبطنان في الجبل الأخضر، ونشأ وترعرع في بيت عز وكرم، تحيط به شهامة المسلمين وأخلاقهم الرفيعة، وصفاتهم الحميدة التي استمدوها من تعاليم الحركة السنوسية القائمة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . توفي والده في رحلته إلى مكة لأداء فريضة الحج، فعهد وهو في حالة المرض إلى رفيقه السيد أحمد الغرياني (شقيق شيخ زاوية جنزور الواقعة شرق طبرق) بأن يبلغ شقيقه بأنه عهد إليه تربية ولديه عمر ومحمد، وتولى الشيخ حسين الغرياني رعايتهما محققاً رغبة والدهما، فأدخلهما مدرسة القرآن الكريم بالزاوية، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي لينضم إلى طلبة العلم . ومكث في معهد الجغبوب ثمانية أعوام ينهل من العلوم الشرعية المتنوعة كالفقه، والحديث والتفسير ومن أشهر شيوخه الذين تتلمذ على أيديهم، السيد الزروالي المغربي، والسيد الجواني، والعلامة فالح بن محمد بن عبدالله الظاهري المدني وغيرهم كثير، وشهدوا له بالنباهة ورجاحة العقل، ومتانة الخلق، وحب الدعوة. وصف عمر المختار كان عمر المختار متوسط القامة يميل إلى الطول قليلاً، ولم يكن بالبدين الممتلئ أو النحيف الفارغ، أجش الصوت بدوي اللهجة، رصين المنطق، صريح العبارة، لايمل حديثه، متزن في كلامه، كثيف اللحية وقد أرسلها منذ صغره، تبدو عليه صفات الوقار والجدية في العمل، والتعقل في الكلام والثبات عند المبدأ وقد أخذت هذه الصفات تتقدم معه بتقدم السن.وقال غراسياني في مذكراته: (أما وصف عمر المختار فهو معتدل الجسم عريض المنكبين شعر رأسه ولحيته وشواربه بيضاء ناصعة، يتمتع بذكاء حاضر وحاد، كان مثقفاً ثقافة علمية دينية له طبع حاد ومندفع يتمتع بنزاهة خارقة لم يحسب للمادة أي حساب متصلب ومتعصب لدينه، وأخيراً كان فقيراً لا يملك شيئاً من حطام الدنيا إلا حبه لدينه ووطنه رغم أنه وصل إلى أعلى الدرجات حتى أصبح ممثلاً كبيراً للسنوسية كلها).تلاوته للقرآن الكريم وعبادتهكان عمر المختار شديد الحرص على أداء الصلوات في أوقاتها وكان يقرأ القرآن يومياً، فيختم المصحف الشريف كل سبعة أيام لقد كان عمر المختار يتلو القرآن الكريم بتدبر وإيمان عظيم فرزقه الله الثبات وهداه طريق الرشاد ولقد صاحبه حاله في التلاوة حتى النفس الأخير، يساق إلى حبل المشنقة وهو يتلو قوله تعالى :{يا أيتها النفس المطمئة ارجعي الى ربك راضية مرضية} (سورة الفجر). شجاعته وكرمه في عام 1311هـ (1894م) تقرر سفر عمر المختار على رأس وفد إلى السودان يضم كلا من السيد خالد بن موسى، والسيد محمد المسالوسي ، وقرجيله المجبري وخليفة الدبار الزوي أحد أعضاء زاوية (واو) بفزان ، وفي الكفرة وجد الوفد قافلة من التجار تتأهب للسفر الى السودان، فانضم الوفد الى هؤلاء التجار الذين تعودوا السير في الطرق الصحراوية ، ولهم خبرة جيدة بدروبها وعندما وصل المسافرون إلى قلب الصحراء بالقرب من السودان قال بعض التجار الذين تعودوا المرور من هذا الطريق إننا سنمر بعد وقت قصير بطريق وعر لا مسلك لنا غيره ومن العادة – إلا في القليل النادر- أن يوجد فيه أسد ينتظر فريسته من القوافل التي تمر من هناك، وتعودت القوافل أن تترك له بعيراً كما يترك الإنسان قطعة اللحم إلى الكلاب أو القطط، وتمر القوافل بسلام . واقترح المتحدث أن يشترك الجميع في ثمن بعير هزيل ويتركونه للأسد عند خروجه، فرفض عمر المختار بشدة قائلاً: (إن الأتاوات التي كان يفرضها القوي منا على الضعيف بدون حق أبطلت، فكيف يصح لنا أن نعيد اعطاءها للحيوان إنها علامة الهوان والمذلة. إننا سندفع الأسد بسلاحنا إذا ما اعترض طريقنا) وقد حاول بعض المسافرين أن يثنيه عن عزمه، فرد عليهم قائلاً: ( إنني أخجل عندما أعود وأقول أنني تركت بعيراً إلى حيوان اعترض طريقي وأنا على استعداد لحماية ما معي وكـلـكم راع وكـلـكم مسؤول عن رعيته إنها عادة سيئة يجب أن نبطلها ) ، وما كادت القافلة تدنو من الممر الضيق حتى خرج الأسد من مكانه الذي اتخذه على إحدى شرفات الممر فقال أحد التجار وقد خاف من هول المنظر وارتعشت فرائصه من ذلك: أنا مستعد أن أتنازل عن بعير من بعائري ولا تحاولوا مشاكسة الأسد، فانبرى عمر المختار ببندقيته وكانت من النوع اليوناني ورمى الأسد بالرصاصة الأولى فأصابته ولكن في غير مقتل واندفع الاسد يتهادى نحو القافلة فرماه بأخرى فصرعته، وأصر عمر المختار على أن يسلخ جلده ليراه أصحاب القوافل فكان له ما أراد. عمر المختار في تشاد : تفوق عمر المختار على أقرانه بصفات عدة منها، متانة الخلق، ورجاحة العقل، وحب الدعوة، ووصل أمره الى الزعيم الثاني للحركة السنوسية محمد المهدي السنوسي فقدمه على غيره واصطحبه معه في رحلته الشهيرة من الجغبوب الى الكفرة عام 1895م وفي عام 1897م صدر محمد المهدي قراراً بتعيين عمر المختار شيخاً لزاوية القصور بالجبل الأخضر قرب المرج، وقام عمر المختار بأعباء المهمة خير قيام، فعلمّ الناس أمور دينهم، وساهم في فض النزعات بين القبائل وعمل على جمع كلمتهم وسعى في مصالحهم ، وسار في الناس سيرة حميدة، فظهر في شخصيته أخلاق الدعاة من حلم وتأنٍّ، وصبر، ورفق، وعلم ، وزهد.وعندما زحف الاستعمار الفرنسي على مراكز الحركة السنوسية في تشاد، نظمت الحركة السنوسية نفسها وأعدت للجهاد عدتها، واختارت من القادة من هم أولى بهذا العمل الجليل، فكان عمر المختار من ضمنهم فقارع الاستعمار الفرنسي مع كتائب الحركة السنوسية المجاهدة في تشاد وبذل مافي وسعه حتى لفت الانظار إلى حزمه وعزمه وفراسته وبعد نظره وحسن قيادته فقال عنه محمد المهدي السنوسي: (لو كان لدينا عشرة مثل المختار لاكتفينا).وبقي عمر المختار في تشاد يعمل على نشر الاسلام ودعوة الناس وتربيتهم الى جانب جهاده ضد فرنسا، فحمل الكتاب الذي يهدي بيد والسيف الذي يحمي باليد الأخرى، وظهرت منه شجاعة وبطولة وبسالة نادرة في الدفاع عن ديار المسلمين. الجهاد ضد الاحتلال الإيطالي : عندما اندلعت الحرب الليبية الايطالية عام 1911م كان عمر المختار وقتها بواحة (جالو) خفّ مسرعاً إلى زاوية (القصور) وأمر بتجنيد كل من كان صالحا ًللجهاد ، فاستجابوا نداءه، وأحضروا لوازمهم، وحضر أكثر من ألف مقاتل، وكان عيد الأضحى من نفس السنة الهجرية على الأبواب أي لم يبق عنه إلا ثلاثة أيام فقط، ولم ينتظر السيد عمر المختار عند أهله حتى يشاركهم فرحة العيد، فتحرك بجنوده وقضوا يوم العيد في الطريق وكانت الذبائح التي أكل المجاهدين من لحومها يوم العيد من السيد عمر المختار شخصياً، ووصل المجاهدون وعلى رأسهم عمر المختار وبرفقته أحمد العيساوي إلى موقع بنينه حيث معسكر المجاهدين الذي فرح بقدوم نجدة عمر المختار ورفقائه ثم شرعوا يهاجمون العدو ليلاً ونهاراً وكانت غنائمهم من العدو تفوق الحصر .حاولت إيطاليا بواسطة عملائها الاتصال بالسيد عمر المختار وعرضت عليه بأنها سوف تقدم له مساعدة إذا ماتعهد باتخاذ سكنه في مدينة بنغازي أو المرج، وملازمة بيته تحت رعاية وعطف ايطاليا، وقد أكد عمر المختار هذا الاتصال وهو في مصر لما سئل عن ذلك وقال: ( ثقوا أنني لم أكن لقمة طائبة يسهل بلعها على من يريد، ومهما حاول أحد أن يغير من عقيدتي ورأيي واتجاهي، فإن الله سيخيبه ، ومن (طياح سعد) إيطاليا ورسلها هو جهلها بالحقيقة. وأنا لم أكن من الجاهلين والموتورين فادعي أنني أقدر أعمل شيئاً في برقة، ولست من المغرورين الذين يركبون رؤوسهم ويدعون أنهم يستطيعون أن ينصحوا الأهالي بالاستسلام، انني أعيذ نفسي من أن أكون في يوم من الايام مطية للعدو وأذنابه فأدعوا الأهالي بعدم الحرب ضد الطليان، وإذا لاسمح الله قدّر عليّ بأن أكون موتوراً فإن أهل برقـة لايطيعون لي أمراً يتعلق بإلقـاء السلاح إنني أعرف أن قيمتي في بلادي إذا ماكانت لي قيمة أنا وأمثالي فإنها مستمدة من السنوسية.)وكان عاما 1924م و 1925م قد شهدا مناوشات عدة ومعارك دامية، ووسع المجاهدون نشاطهم العسكري في الجبل الأخضر ولمع اسم عمر المختار نجمه كقائد بارع يتقن أساليب الكر والفر ويتمتع بنفوذ عظيم بين القبائل وأخذ العرب من أبناء القبائل ينضمون إلى صفوف المجاهدين وبادرت القبائل بإمداد المجاهدين بما يحتاجون من مؤن وعتاد وأسلحة.أصبح تفكير إيطاليا محصوراً في برقة التي لم يتمكن الطليان منذ زحفهم على اجدابية سنة 1923م من احتلال مواقع تذكر عدا مدينة اجدابيا ولذلك اهتمت إيطاليا ببرقة انحصرت مجهوداتها في الفترة الواقعة بين سنة 1923م وبين 1927م على معسكرات عمر المختار الذي لم يخرج يوماً من معركة إلا ليدخل في معركة أخرى.يقول غراسياني: (بالرغم من إبعاد النواجع والسكان الخاضعين لحكمنا يستمر عمر المختار في المقاومة بشدة ويلاحق قواتنا في كل مكان).وقال عنه ايضاً: (عمر المختار قبل كل شيء لن يسلم أبداً لأن طريقته في القتال ليست كالقادة الآخرين فهو بطل في إفساد الخطط وسرعة التنقل بحيث لايمكن تحديد موقعه لتسديد الضربات له ولجنوده، أما غيره من الرؤساء … فإنهم أسرع من البرق عند الخطر، فيهربون إلى القطر المصري تاركين جنودهم على كفة القدر معرضين لخطر الفناء، عمر المختار عكس هذا فهو يكافح الى أبعد حد لدرجة العجز ثم يغير خطته ويسعى دائماً للحصول على أي تقدم مهما كان ضئيلاً بحيث يتمكن من رفع الروح العسكرية مادياً ومعنوياً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً وهنا يسلم أمره لله كمسلم مخلص لدينه). إصرار عمر المختار كان عمر المختار قطبا تدور عليه رحى الأعمال ، والتف المجاهدون حوله التفاف السوار بالمعصم واستمر العمل بقيادته ومساعدة معاونيه كـيوسف بورحيل، والفضيل بوعمر، وعصمان الشامي، عوض العبيدي، وعيسى الوكواك العرفي، عبدالله بوسلوم، وعبدالحميد العبار وكانت مواقف عمر المختار تدل على شخصيته القيادية البارعة في أحلك الظروف ، ففي أحد الأيام وعقب انتقام الإيطاليين من أحد المنتجعات التي كانت تقدم مساعدات للمجاهدين تقدم بعض زعماء القبائل باحتجاج إلى عمر المختار وطلبوا منه إما أن يسلم الى الايطاليين أو أن يرحل عن مواطنهم أو أنهم سوف يحاربونه لكي يتجنبوا انتقام الايطاليين فرأى بعض المجاهدين تجنـباً لهذا الوضع الحرج أن يهاجروا الى مصر لكي لا يتعرض الأهـالي إلى الانتقام وبعد حوار طويل أظهر المختار مصحفه وأقسم عليه بأنه لن يتوقف عن مجاهدة الايطاليين، وأنه لن يترك الجبل الاخضر حتى يتحقق النصر او الشهادة، وفي نفس الوقت أعلن للمجاهدين أنه من يريد الهجرة إلى مصر فله مطلق الحرية في السفر أو التسليم للإيطاليين وعندما رأى المجاهدون موقف قائدهم عدلوا عن رأيهم وأطاعوه وانفض الاجتماع على وحدة صف المجاهدين.استمرت المعارك بين الإيطاليين والمجاهدين ومن أشهر تلك المعارك (كرسة) التي وقعت في يوم 20 ديسمبر وقد استشهد في هذه المعركة الساعد الأيمن لعمر المختار الشيخ الجليل والمجاهد الفذ الفضيل بوعمر الذي شارك في مسيرة الجهاد منذ دخول الغزو الايطالي في1911م وشهد له بالشجاعة والإخلاص في جهاده وقد ذكر عمر المختار تفاصيل هذه المعركة في رسالة له جاء فيها أن العدو هاجم المعسكر، وكان رئيسه السيد فضيل بوعمر وقد استشهد في هذه المعركة إلى جانب الفضيل أربعون شهيداً وقد وجدنا في ميدان القتال مايزيد عن 500 من العدو .وفي أكتوبر 1930م تمكن الطليان من الاشتباك مع المجاهدين في معركة كبيرة عثر الطليان عقب انتهائها على (نظارات) السيد المختار، كما عثروا على جواده المعروف مجندلا في ميدان المعركة؛ فثبت لهم أن المختار مازال على قيد الحياة، وأصدر غراسياني منشوراً ضمنه هذا الحادث حاول فيه أن يقضي على (أسطورة المختار الذي لايقهر أبداً) وقال متوعداً : (لقد أخذنا اليوم نظارات المختار وغداً نأتي برأسه).الأيام الأخيرة من حياة المختار وقوعه في الأسر : كانت من عادة عمر المختار الانتقال في كل سنة من مركز إقامته إلى المراكز الأخرى التي يقيم فيها إخوانه المجاهدون لتفقد احوالهم، وكان إذا ذهب لهذا الغرض يستعد للطوارئ ، ويأخذ معه قوة كافية تحرسه من العدو الذي يتربص به الدوائر في كل زمان ومكان، ولما أراد الله أن يختم له بالشهادة ذهب في هذه السنة كعادته في نفر قليل يقدر بمائة فارس، ولكنه عاد فردّ من هذا العدد ستون فارساً وذهب في أربعين فقط. ويوجد في الجبل الأخضر واد عظيم معترض بين المجاهدين اسمه وادي الجريب (بالتصغير) وهو صعب المسالك كثير الغابات، كان لابد من اجتيازه ، فمر به عمر المختار ومن معه ، وباتوا فيه ليلتين ، وعلمت بهذا إيطاليا ، فأمرت بتطويق الوادي على عجل من جميع الجهات بعد أن جمعت كل ماعندها من قوة قريبة وبعيدة، فما شعر عمر المختار ومن معه إلا وهم وسط العدو؛ وقرر منازلة الأعداء والتحمت المعركة داخل الوادي، وحصد رصاص المجاهدين عدداً كبيراً من الأعداء، وسقط الشهداء، وأصيب عمر المختار بجراح في يده، وأصيب فرسه بضربة قاتلة، وعلقت يده السليمة تحت الفرس فلم يتمكن من سحبها ، ولم تسعفه يده الجريحة . والتفت المجاهد بن قويرش فرأى الموقف المحزن وصاح في إخوانه الذين شقوا الطريق للخروج من الحصار قائلاً: (الحاجة التي تنفع عقبت أي تخلفت) ، فعادوا لتخليص قائدهم ولكن رصاص الطليان حصد أغلبهم، وكان ابن قويرش أول من قتل وهو يحاول إنقاذ الشيخ الجليل ، وهجم جنود الطليان على الأسد الجريح دون أن يعرفوا شخصيته في البداية، وتم القبض عليه ، وجاء الكمندتور داود باتشي متصرف درنة ليتعرف على الأسير وبمثل سرعة البرق نقل عمر المختار إلى ميناء سوسة محاطاً بعدد كبير من الضباط والجنود الإيطاليين .يقول غراسياني في مذكراته: ( هذا الرجل أسطورة الزمان الذي نجى آلاف المرات من الموت ومن الأسر واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام لأنه الرأس المفكر والقلب النابض للثورة العربية (الاسلامية) في برقة وكذلك كان المنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة والآن وقع أسيراً في ايدينا.) محاكمة عمر المختار رحمه الله في الساعة الخامسة مساءً في 15 سبتمبر 1931م جرت تلك المحاكمة التي أعد لها الطليان مكان بناء (برلمان برقة) القديم وكانت محاكمة صورية شكلاً وموضوعاً.افتتحت الجلسة وبدأ استجواب السيد، بلغ التأثر بالترجمان، حداً جعله لايستطيع إخفاء تأثره وظهر عليه الارتباك، فأمر رئيس المحكمة بإستبعاده وإحضار ترجمان آخر فوقع الاختيار على أحد اليهود، وهو (لمبروزو)، من بين الحاضرين في الجلسة (وقام لمبروزو) بدور المترجم، وكان السيد عمر رحمه الله جريئاً صريحاً، يصحح للمحكمة بعض الوقائع. وبعد استجواب السيد ومناقشته وقف المدعي العام “بيدندو” ، فطلب الحكم على السيد بالإعدام. وعندما جاء دور المحامي المعهود إليه بالدفاع عن السيد عمر وكان ضابطاً إيطالياً يدعى الكابتن لونتانو، وقف وقال: (كجندي لا أتردد البته إذا وقعت عيناي على عمر المختار في ميدان القتال، في إطلاق الرصاص عليه وقتله وأفعل ذلك كإيطالي أمقته وأكرهه، ولكنني وقد كلفت الدفاع عنه فإني أطلب حكماً، هو في نظري أشد هولاً من الإعدام نفسه، وأقصد بذلك الحكم عليه بالسجن مدى الحياة نظراً لكبر سنه وشيخوخته). وعندئذ تدخل المدعي العمومي، وقطع الحديث على المحامي وطلب من رئيس المحكمة أن يمنعه من إتمام مرافعته مستنداً في طلبه هذا إلى أن الدفاع خرج عن الموضوع، وليس من حقه أن يتكلم عن كبر سن عمر المختار وشيخوخته ووافقت المحكمة. أمر القاضي المحامي بأن لا يخرج عن الموضوع ويتكلم بإيجاز، وهنا تكلم المحامي بحدة وقال: إن عمر المختار الذي هو أمامكم وليد هذه الأرض قبل وجودكم فيها ويعتبر كل من احتلها عنوة عدو له ومن حقه أن يقاومه بكل مايملك من قوة حتى يخرجه منها أو يهلك دونها هذا حق أعطته له الطبيعة والإنسانية، وهنا كثر الصياح من الحاضرين بإخراج المحامي.وبعد مضي فترة قصيرة من الانتظار دخل القاضي والمستشاران والمدعي العام بينما المحامي لم يحضر لتلاوة الحكم القاضي بإعدام عمر المختار شنقاً حتى الموت وعندما ترجم الحكم إلى عمر المختار قهقه بكل شجاعة قائلاً : ( الحكم حكم الله لا حكمكم المزيف – إنا لله وإنا إليه راجعون.) وأما المحكمة، فقد استغرقت من بدئها إلى نهايتها ساعة واحدة وخمس عشرة دقيقة فحسب، من الساعة الخامسة مساء إلى الساعة السادسة والربع وكذلك قضت إرادة الله تعالى أن يتحكم الطليان في مصير البطل، لتتم الإرادة الإلهية وتمضي الحكمة الربانية. إعدام شيخ الشهداء : وفي يوم 16 سبتمبر من صباح يوم الأربعاء من سنة 1931 عند الساعة التاسعة صباحاً نفذ الطليان في (سلوق) جنوب مدينة بنغازي حكم الإعدام شنقاً في شيخ الجهاد وأسد الجبل الاخضر بعد جهاد طويل ومرير .ودفعت الخسة بالإيطاليين أن يفعلوا عجباً في تاريخ الشعوب ، وذلك أنهم حرصوا على أن يجمعوا حشداً عظيماً لمشاهدة التنفيذ فأرغموا أعيان بنغازي، وعدداً كبيراً من الأهالي من مختلف الجهات على حضور عملية التنفيذ فحضر مالا يقل عن عشرين ألف نسمة.لقد كان وجه الشيخ الجليل يتهلهل استبشاراً بالشهادة وارتياحاً لقضاء الله وقدره، وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على انخفاض، وبصوت مدوٍّ لمنع الأهالي من الاستماع إلى عمر المختار إذا أراد التحدث اليهم أو يقول كلاماً يسمعونه وصعد حبل المشنقة في ثبات وهدوء .وهناك أعمل فيه الجلاد حبل المظالم فصعدت روحه الطاهرة إلى ربها راضية مرضية ، هذا وكان الجميع من أولئك الذين جاءوا يساقون إلى هذا المشهد الرهيب ينظرون إلى السيد عمر وهو يسير إلى المشنقة بخطى ثابتة ، وكانت يداه مكبلتين بالحديد وعلى ثغره ابتسامة راضية، تلك الابتسامة التي كانت بمثابة التحية الأخيرة لأبناء وطنه، وقد سمعه بعض المقربين منه ومنهم ليبيون أنه صعد سلالم المشنقة وهو يؤذن بصوت هاديء آذان الصلاة وكان أحد الموظفين الليبيين من أقرب الحاضرين إليه، فسمعه عندما وضع الجلاد حبل المشنقة في عنقه يقول: { يَأَيُّتُهَا ﭐلنَّفْسُ ﭐلمُطْمَئنَّةُ ﭐرْجعي إلَى رَبّك رَاضيَةً مَرْضيَّةً} (سورة الفجر: آية 27،28). ويقول شاعر القطرين خليل مطران: أبيت والسيف يعلو الرأس تسليماًوجدت بالروح جود الحر أن ضيمالله يا عـمـر المـخـتـار حكـمتـهفي أن تـلاقي ما لاقـيت مظــلـومـاأن يقتلوك فما أن عجلوا أجلاقد كان مذ كنت مقدوراً ومحـتـومافالفريد في سيرته ، إنه أحيا شيئاً كاد يندثر ، أحيا معاني الإيمان التي كان الناس قد بدأوا ينصرفون عنها، إنه بنيان أسس على التقوى فعاش مباركاً في حياته وفي مماته.والعبرة الثانية ، أنه كان داعيا إلى الله بإذنه ، تربى على أيدي دعاة السنوسية. فلما اكتمل وترعرع ، أدى الرسالة وبلغ الأمانة وأنذر وبشر، وخيركم من تعلم القرآن وعلمه. والعبرة الأخرى، أنه كان على فهم صحيح لدينه، يأخذ كلاً لايتجزأ، فلا هو بالتدين المنحرف، ولا هو بالتدين البعيد عن جوهر الدين ، وإنما هو رجل مؤمن، يعلم أن الإسلام لايصح أن يؤخذ بعضه ويترك بعضه، وإنما عليه أن يعمل به كله.وكان في حرارة الشباب وحيويتهم رغم شيخوخته وتلك طبيعية المقاتـلـيـن في سبـيل الله، الذيـن يخشـون الله ولايـخـشـون أحـداً غـيـره .رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن ليبيا و عن سائر المسلمين خير الجزاءمنقووووووووووووول | |
|